ALGERIE/Ensemble pour la non-violence
   
 
  التنمر المدرسي

البعض يمارسه تعويضاً عن الفشل

علاج «التنمر المدرسي» يوقف نزيف التسرب ويحقق التعليم الآمن

حجم الخط |


  صورة 1 من 1  
أفراد مؤسسة محاربة »التنمر« (Beat Bullying) في المدارس (من موقع beatbullying.org)
تاريخ النشر: الجمعة 01 أكتوبر 2010

هشام أحناش

«التنمر المدرسي» شكل من أشكال الإساءة والإيذاء الذي انتشر منذ عقود في صفوف طلبة المدارس. وعرف بعض علماء الاجتماع التنمر المدرسي بأنه نوع من الإزعاج المتعمد والمضايقات الصادرة عن فرد أو جماعة، وقد يكون اعتداء بدنياً مباشراً أو تحرشاً لفظياً، أو إذاء نفسيا قد تتخذ من التآمر والتلاعب وسيلةً لها لإذلال الآخر واحتقاره أو وضع مقالب تجعل المستهدف محط سخرية الآخرين. ويُجمع علماء النفس والاجتماع على أن تعرض الطالب بشكل متكرر إلى أحد أنواع التنمر هذه يؤثر كثيراً على تحصيله العلمي، وقد يدفعه إلى ترك المدرسة أو التغيب باستمرار، وقبل ذلك على توازن شخصيته ونمو مداركه النفسية، وقد يخلق منه في بعض الأحيان شخصيةً متنمرةً تحاول بدورها اضطهاد من تصادفهم من ضعاف، ويصبح الطالب بذلك أكثر ميلاً إلى ممارسة العنف وتبني الانتقام منهجاً في التعامل.

صورت العديد من أفلام هوليوود ظاهرة التنمر المدرسي، غير أن طريقة عرضها- كما يقول التربويون- كانت في الغالب غير هادفة، بحيث تبرز المتنمر في موقع قوة وبطلاً غير قابل للردع من قبل مسؤولي المدرسة، وتصور سبب تنمره في تعرضه في مرحلة سابقة من طفولته لعنف بدني أو إذلال أبوي، معللةً بذلك سلوكه التنمري بشكل يجعل المشاهدين يتعاطفون معه، دون أن تقدم في النهاية حلولاً واقعية حقيقية لطرق حماية الضحايا الذين يتعرضون لهذا التنمر أو مساعدة المتنمرين أنفسهم على التخلي عن هذا السلوك، وهو ما يزيد الظاهرة استفحالاً.

تسرب وغياب

 

تشير أحدث التقديرات الى أن 8% من طلبة مدارس التعليم الأساسي والثانوي بالمناطق الحضرية يتغيبون عن مدارسهم بمعدل يوم واحد شهرياً، بسبب تعرضهم للتنمر من قبل زملائهم أو خوفهم من التعرض له وارتباط التعلم والذهاب إلى المدرسة في أذهان الضحايا إلى الاعتداء والإذلال وكل المعاني السلبية. وهو ما قد يتسبب في زيادة نسبة تسرب الطلبة. ويُدرك أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية بهذه المدارس وجود هذه الظاهرة وتأثيرها المدمر لشخصية الطالب ومسيرة تحصيله العلمي. وتشير إحصائيات حديثة الى أن نسبة التنمر في كل مدرسة ما بين متنمرين وضحايا التنمر تصل إلى 15%، وهي منتشرة في صفوف الطلاب أكثر من صفوف الطالبات. ويرى المراقبون أن أثر وقع تنمر الطالبات أخف بكثير من تنمر الطلاب، فتنمر الجنس اللطيف غالباً ما يكون أكثر نعومةً من تنمر الجنس الخشن نظراً لاقتصاره على الإيذاءات اللفظية غير المباشرة مثل إطلاق الشائعات والغيبة والنميمة.

 

العطف الأبوي

يعزي باحثو علم النفس التربوي سلوك التنمر إلى عدة عوامل أبرزها انحدار التلاميذ المتنمرين من أسر تتخذ من العنف والعقاب النفسي والجسدي وسيلة لحل مشكلاتها، وتسود هذه التصرفات أكثر في البيوت التي ينعدم فيها الدفء والعطف الأبوي ورعاية الأم الحانية والتعامل مع سلوك وتصرفات الأبناء بنوع من التحليل والتفهم بدل التعنيف والتجهم، فتكون ردود أفعال الأبوين في هكذا أجواء مجموعة من المشاعر السلبية التي لا تنتج بدورها غير ردود سلبية وشخصيات ناقمة متذمرة تلجأ للتنفيس من خلال تفريغ الشحنات السلبية التي تتراكم يومياً في وسط آخر: المدرسة. فلا يترددون في تقليد آبائهم والتنمر والاستئساد على كل من رأوا فيه ضعفاً أو انهزاماً.

سادية المتنمرين

إذا وجد الطالب المتنمر في المدرسة بيئة غير رادعة، فإنه يتمادى في تنمره ويصبح مع مرور الوقت أكثر عدوانية، ويغدو فخوراً بكونه كذلك، نظراً لأن هذه الصفة تحقق له ذاته التي تنتهك في البيت، وتشعره بنوع من التعويض العاطفي، وبأهميته وقدرته على لفت الانتباه، والحصول على ما يريد من خلال تنمره على من هم أضعف منه بالتهديد والوعيد أحياناً، والإذلال والاستقواء بمجموعته أحياناً أخرى. ولا يكون مصدر التنمر دائماً نابعاً من أبناء يتبنى آباؤهم العنف منهجاً في التربية، بل إن بعض التلاميذ والطلبة قد تصيبهم عدوى التنمر من آخرين فيلجأون إلى هذا السلوك للتسلية بعد أن يجدوا لذة في الاستمتاع في استفزاز وإذلال من قد يتصف بالخجل أو الضعف أو عدم القدرة على الدفاع عن نفسه، أو لاستباق هجمات الآخرين ولتحصين أنفسهم من أي مظاهر عنف، فتترسخ فيهم هذه الصفة مع مرور الوقت وتصير جزءاً من شخصياتهم.

معالجة المسببات

تركز أغلب مقاربات معالجة ظاهرة التنمر المدرسي للأسف على سلوك التنمر بحد ذاته وليس على مسبباته. كما أن هذا الموضوع لا يحظى بقدره الكافي من النقاش والتشخيص من أجل إيجاد الحلول الناجعة. وحتى إن حرصت بعض المدارس على توفير مرشدين تربويين ومستشارين نفسيين، فإن برامج التدخل والعلاج التي تقدمها تكون ضيقة الأفق، بحيث تضع أصابعها على تطوير مهارات الضحايا المفترضين وتمكينهم من الرد على هجمات المتنمرين وإيذاءاتهم، دون أن تقدم مقاربات شاملة لمنع حدوث هذه السلوكيات أو تتيح لها التدخل في الوقت المناسب. ولا شك أن تعرف المسؤولين على مختلف أشكال التنمر المدرسي يساعدهم على تحديد أنسب طرق التدخل لعلاج المشكلة. كما أن التعرف على أسباب هذه السلوكيات يساعد على وضع النقاش حول المهارات الاجتماعية في السياق الصحيح.

عصابة مدرسية

تصدر العديد من أشكال التنمر المدرسي من مجموعات طلابية تكون شبيهة بـ»عصابة» يهاجم أفرادها كل من يختلف معهم أو لا يدور في فلكهم، وغالبية أفراد هذه المجموعات يحتمي بمجموعته وقائدها ولا يتجرأ على ممارسة تنمره بمعزل عن باقي أفراد مجموعته، علماً بأنه تكون لديهم مهارات اجتماعية أخرى بناءة قد يسخرونها في الأمور الإيجابية. ولذلك ينبغي التركيز على مجموعات التنمر المتفرعة بدل التركيز على أفراد بأعينهم. وهذا الأمر يقتضي طبعاً تنفيذ برامج علاقات إنسانية تشمل وضع استراتيجيات لتدريب الضحايا وجميع الطلبة على طرق التصدي لشتى أنواع التنمر المدرسي ومواجهتها، والتبليغ عنها عند العجز عن صدها بالطرق السلمية الحسنة، وعدم الخوف من تهديدات المتنمرين، وتدريب المدرسين والإداريين على أنجع الأساليب التربوية للتعامل مع الطلبة ذوي النزعات العدوانية بشكل عام ووسائل ترويضهم ودمجهم في وسط طلابي آمن.

أكباش فداء

يشير تشخيص هذه الظاهرة أيضاً إلى ضرورة الانتباه إلى الثقافة السائدة في الوسط المدرسي والعمل على ترسيخ مفهوم الوئام والتفاهم والاحترام المتبادل في حال غياب سلوكات تعزز هذه القيم. من جانب آخر، يقول تربويون، إن التدخل لعلاج هذه المشكلة لا ينبغي أن يكون عقابياً محضاً، وإنما يقتضي تعبئةً جماعيةً للمدرسين والطلبة والإدارة العليا للمدرسة على حد سواء بقصد مراعاة المصلحة الجماعية للطلبة وإشراك الجميع في ترسيخ بيئة اجتماعية صحية في المدرسة وتقوية لحمة العلاقات الاجتماعية بين الطلبة، والتقليل قدر الإمكان من اتباع طرق العقاب الجماعي الذي قد يذهب ضحيته أكباش فداء، فيضيع بذلك مستقبلهم ويكون النظام التربوي والمجتمع هما أكبر الخاسرين.

تعويض عن فشل

يمارس بعض الطلبة أفعالاً عدائية محاولةً منهم لتعويض فشلهم الدراسي وقلة كفاءتهم، ويعبر هذا النوع من الطلبة على مدى إحباطهم واستيائهم وتذمرهم من النظام التربوي بشكل عام من خلال استهداف شخص ما تكون له قابلية للاستهداف والاختراق أكثر منهم. ويفتقر هذا الصنف من الطلبة إلى المهارات الاجتماعية الضرورية، وهم يعبرون عن معاناتهم من هذا الفقر السلوكي المضاف إلى فشلهم الدراسي عن طريق التنمر على من هو أضعف منهم. ولذلك يُنصح المسؤولون التربويون بتفهم دوافع كل فئة على حدة وعلاج مصدر تذمر كل فرد والسبب الرئيسي الذي يدفع الطالب إلى ممارسة هكذا سلوكيات.

عجز الاندماج

في أحد المقالات التي نشرتها مجلة «البحوث التربوية الأميركية»، أكد الباحثان واتس وإيرفيلز أن «أكثر ردود الفعل براجماتيةً تجاه العنف المدرسي هو تحسيس الفاعلين بمسؤولياتهم الفردية على هذه الأفعال». ويضيفان أن «العنف المدرسي هو نتيجة طبيعية لعنف بنيوي يقع في إطار ظروف اجتماعية تتخذ من القمع والعنف ممارسةً يوميةً ونمط عيش». ويُرجع بعض التربويين ظاهرة التنمر المدرسي إلى افتقار بعض الطلبة إلى مهارات الاندماج الاجتماعي وعجزهم عن تكوين صداقات وعلاقات إيجابية مع زملائهم وأقرانهم، فيجدون في التنمر مخرجاً لهم من عزلتهم، بعد أن يكونوا قد فشلوا في إيجاد حلول أخرى بديلة للاندماج في الوسط المدرسي. وهذه الفئة من الطلبة يمكن علاج مشكلاتهم من خلال عقد دورات تربوية توجيهية تعرفهم بطرق الاندماج وتُكسبهم المهارات الاجتماعية التي تؤهلهم لتكوين علاقات وصداقات تخرجهم من عزلاتهم. وحسب إحصاءات أميركية لرصد العنف المدرسي، فقد بلغ عدد حوادث العنف والتنمر المدرسي في أوساط الطلبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 سنة بلغت في عام واحد (1999) مليونين ونصف المليون حادثة عنف وسرقة وشجارات نتج عنها إصابة أحد طرفي الشجار أو كليهما.

تعليم آمن

يقول باحثون إن أولوية مسؤولي المدارس والمؤسسات التعليمية في الوقت الحالي هو جعل حرم المؤسسة التعليمية آمناً للطلبة والمدرسين والإداريين وجميع الموجودين فيها. فبدون توفر بيئة تعليمية آمنة، لا يمكن للمدرسين أن ينجحوا في مهامهم التدريسية، ولا يمكن للطلبة أن ينجحوا في مشوارهم الدراسي. ورغم تعدد التحليلات حول مدى تعقد هذه الظاهرة وتركيبها، فإن الشيء الأساس والحاضر في مختلف الدراسات حول التنمر المدرسي هو أهمية التعاطي مع هذه الظاهرة من خلال مقاربة متكاملة تعمل على إشراك الآباء والأسرة والمدرسين والإداريين وشبكات الدعم الاجتماعي بالإضافة إلى الطالب المتنمر نفسه لحل المشكلة.

عن موقع «smhp.psych.ucla.edu”

تكافؤ الفرص

يقتضي التخلص من التنمر المدرسي بالطبع ضرورة ترسيخ أسس بيئة داعمة وراعية اجتماعياً في المدرسة وفي كل قاعات الدرس، علاوةً على تقديم المساعدة اللازمة للطالب على الصعيد الفردي وأسرته، وذلك حتى تضمن المؤسسات التعليمية والتربوية الحق لجميع الطلبة في الحصول على فرص متساوية من أجل النجاح والتميز وتعبيد الطريق نحو مستقبل مهني زاهر يعود على الشخص وأسرته ومجتمعه بالنفع، وهذا لن يتم إلا بنهج كل مدرسة لمقاربة علاجية منسجمة مع ثقافتها المدرسية والمحيط الاجتماعي لمنتسبيها

http://www.alittihad.ae/details.php?id=63382&y=2010

اقرأ المزيد : علاج «التنمر المدرسي» يوقف نزيف التسرب ويحقق التعليم الآمن - جريدة الاتحاد http://www.alittihad.ae/details.php?id=63382&y=2010#ixzz12v8cmrzQ
 
Bouton "J'aime" de Facebook
 
 
vous etes deja 384364 visiteurs (985271 hits) Ici!
حمعية “معا ضد العنف” Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement